#مقال | محمد حسن الحربي: المؤسسة الثقافية بين الجد والمظهر
فن وثقافةالآن فبراير 12, 2024, 6:15 م 1271 مشاهدات 0
الجمعية الاكاديمية الفرنسية تأسست رسمياً عام 1634. بعد عدد من الاجتماعات التي سبقتها، لمجموعة أدباء ومتذوقي الفنون في باريس، أقيمت في أماكن مختلفة منها أبهاء الفنادق. ومذاك، تناوب على ترأسها، على مدى 4 قرون، كبار الأدباء والمفكرين والعلماء ورجال دين. بل إن فكرتها في الأساس تعود إلى الكاردينال (أرماند ريشيليو)، الذي حفّز الملك لويس 13 على إصدار أمر بإنشائها.
بعض أعضاء الجميعة دائميين، لكنها كل 3 أشهر تنتخب لها رئيساً يرأس جلساتها. وتعدُّ الجمعية من أقدم الهيئات الثقافية في فرنسا. والمهمة الرئيسية لجمعية الاكاديمية الفرنسية هي (تقعيد اللغة الفرنسية وتطويرها).
وكونها الوحيدة المدافعة عن اللغة وتطويرها، فإنها تمتلك حق إصدار القاموس اللغوي، وتحديثاته كلما اقتضت الضرورة ذلك. وهذه المهمَّة - تقعيد اللغة وتطويرها - هي التي أردتها بمثابة تولجةٍ لحديثنا عن المؤسسات الثقافية العربية، وعددها يعد لافتاً هو الآخر. وأخاله - الحديث - رغم اقتضابه الشديد، سوف يشي بالكثير مما لا يحتاج إلى تفصيل.
ولمناسبة ذكر اللغة الفرنسية، فمن المعلوم أنها لا تعدّ من اللغات ذات التاريخ القديم. العريق. حيث جرى أمر تطويرها في القرن السابع عشر الميلادي، أي من 300 سنة. ولا يتعدى عدد كلماتها 100 ألف كلمة، وهذه محدودية لافتة عند المقارنة باللغات الأخرى، ومنها اللغة العربية، على سبيل المثال، التي يبلغ عدد كلماتها 12 مليون كلمة.
والشاهد، أني ارتأيتُ اقتطاف فِقرات وجُمل مختارة من نصوص لكتّاب وأدباء فرنسين، كتبوها في مقامات مختلفة، من دون ذكر لأسمائهم، وقد كانوا جميعاً من ضمن الأعضاء الأربعين في الأكاديمية الفرنسية. علّ تلك المقتطفات تروق للقارئ، وتلفت نظره إلى شيء ما في اللغة الفرنسية واستخدامها، وأناقتها، ووقعها المؤثر في النفس، بعد عملية تطويرها طبعاً، في القرن السابع عشر الميلادي. ما قد يدفع القارئ إلى احترام كتّابها وأدبائها لكمالات نصوصهم وخطاباتهم، بما يثري الذائقة ويزيد في متعة النفس، ويحمل على التأمل من لدن بعض كتابنا، ممن نقدّر بلا شك.
هذه المقتطفات التالية، كنت مررت بها سريعاً مرور حاطب ليل، والتقطتها لا على التعيين، الغرض منها التخديم على فكرة المهمّة التي اضطلعت بها جمعية الاكاديمية الفرنسية في تقعيدها للغة الفرنسية وتطويرها. والغرض منها، أيضاً، أن التطوير قد حدث. ولو كان المجال يتسع لجمل أكثر، فيها تراكيب مبهرة للكلام، لفعلت واقتطفت
المزيد.
بغرض الهجاء:
قد ورث بالتأكيد نزعته إلى عدم الاستقرار من ذلك السلف المتشرد.
إن فيض إحسانه يقيه من الهجاء، وشدة ظلمه تقصيه من الثناء.
لم يكن الاختلاط المثابر للسيد (x) بالعظماء، كافياً بالطبع لارتقائه إلى مصافّهم، بل كان بحكم المقارنة، أن يزيد من تحجيمه.
إنه كان يمثل جرس الدار قبل اختراعه.
كان يتحدث مستعيضاً عن فمه بمقصلة.
لم يكن يغدق المديح على بني جنسيه بسهولة، كما أن الصفات التي يُعترف بها لذلك الرجل، تختلف عن الانطباع الذي خلفه لدى معظم معاصريه.
بوسعنا الافتراض أنه كان يخفي روح رجل شريف وراء زي المحظّي المتزلّف.
بغرض الأسلوب:
- ولئن حصل بعضهم على الشهرة بالكد والفلاح، فهو قد حصل عليها بالخمول. وكان الاستهتار والتخلي اللذان يستشفان في أفعاله واقواله، يمنحانه هيئة من البساطة، ويكسبانه جاذبية جديدة.
استهجن ذلك الركوع الصاغر على هذا النحو، فلم يطق أن يذوي بين الخوف والأمل، فقطّع شرايينه.
لشدة ما تتميز أمتنا الفرنسية بطبعها المعادي، تكاد تجهل أي سؤدد أو أي أشكال أخرى من العزة والشرف، إلا تلك التي تكتسب بقوة السلاح.
فالضوء ثمين إنما ليس إذا كان الثمن الذي سأدفعه أن تفقأ عيناي.
لكنه عرف كيف يثمّر بصبر وأناة، وبشغف وتعقّل، بعض المزايا التي نقلها إليه أهله.
( من قصة: شقيقتي هزييت 1861). كانت تقرأ مسوّدات كل ما أكتبه، ورقابتها الثمينة تبحث برقة متناهية عن جوانب أُهملت لم أعرها انتباهاً. ولشدة اطلاعها على نهجي في التفكير، تكاد تستبق دائماً ما سأقوله، إذ تتفتق الفكرة في ذهنها وذهني في اللحظة نفسها (..) لقد اجتزنا كل العواصف التي بوسع الحب أن يشهدها.
تعليقات